السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما أعظم أن يتبع المسلم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، الذي ما علم من خير إلا ودل أمته عليه ، وما علم من شر إلا وحذر الأمة منه
فقال
عليه الصلاة والسلام : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي
، عضوا عليها بالنواجذ " ( صحيح – جامع بيان العلم) ، وقال أيضاً : " فمن
رغب عن سنتي فليس مني " ( صحيح –البخاري) ، فينبغي علينا أن نراعي سنن
الصيام حتى نحظى بالأجر من الله تعالى ، ويكون موافقاً لما كان عليه نبي
الرحمة والهدى حال فطره وحال سحوره وحال صومه
ومن سنن الصيام :
1- تعجيل الفطر :
وذلك
بأن يفطر المسلم عقب تحققه من غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا
يزل الناس بخير ما عجلوا الفطر " [ متفق عليه ] والفطر قبل صلاة المغرب
أفضل
وعن أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة ، فقال لها
مسروق : رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كلاهما لا يألوا عن
الخير ، أحدهما يعجل المغرب والإفطار ، والآخر يؤخر المغرب والإفطار ،
فقالت : من يعجل المغرب والإفطار ؟ قال : قلنا : عبد الله ـ يعني ابن مسعود
ـ فقالت هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع " ( مختصر صحيح مسلم
بتحقيق الألباني ) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " ثلاث من
أخلاق النبوة : تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، ووضع اليمين على الشمال في
الصلاة " ( صحيح- أ خرجه الطبراني في الكبير )
وعن أنس بن مالك رضي
الله عنه ، قال : " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قط صلى صلاة المغرب
حتى يُفطر ، ولو كان على شربة ماء " ( أخرجه الحاكم وابن حبان وغيرهما على
شرط الشيخين ) .
2- طعام الفطور :
على المسلم أن يتحرى
ما جاءت به السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفطر لأن ذلك
أرفق بالمسلم لما فيه من الصحة وعدم التخمة مما يثقله عن أداء العبادة
وصلاة المغرب بخشوع وطمأنينة ، ولهذا جاء التوجيه النبوي الكريم من نبي
الرحمة والهدى صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص
فقال أنس بن مالك رضي
الله عنه : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات ،
فإن لم تكن رطبات ، فتمرات ، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء " ( أخرجه
أحمد وغيره بإسناد صحيح ) .
3- الدعاء عند الإفطار :
إن
الدعاء من أهم الأسباب التي يتقرب بها العبد إلى ربه ، فإن الله تعالى قد
أمر عباده بدعائه تعالى وأخبر بأنه قريب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ، فقال
تعالى : { وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } ( البقرة 186 ) ، وقال تعالى : "
وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين } ( غافر 60. )
وهناك مواطن يُقبل فيها الدعاء ومن هذه
المواطن دعوة الصائم عند فطره ، فعن عبد الله بن عمرو بن لعاص رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن للصائم عند فطره دعوة ما
ترد " ( صحيح - أخرجه ابن ماجه والحاكم ) .
وعن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : " ذهب
الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " (أخرجه أبو داود وحسنه
الألباني ) .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : " اللهم لك صُمت وعلى رزقك أفطرت " ( أخرجه أبو داود وضعفه الألباني ) .
وينبغي
للمسلم أن يحرص في الدعاء عند فطره بأي دعاء كان مما فيه خير له في الدنيا
والآخرة وعلى المسلم أن يغتنم مثل هذه الفرص وألا يتوانى في سؤال ربه
المغفرة والرحمة والرضوان ، وأن يكون عند دعائه موقناً بالإجابة ، فالله عز
وجل يحب الُملح في الدعاء ، ولا يستجيب لدعاء قلب غاف لاهٍ .
4- تفطير الصائم :
شهر رمضان شهر خير وبركة ووجب علينا أن نقتنص الفرص من أجل الإكثار من الحسنات والبعد عن
السيئات
، وأن نزيد من فعل الطاعات ، وترك المنكرات ، تقرباً إلى رب الأرض
والسموات ، ومن تلك الأعمال الخيرة الفاضلة تفطير الصائمين من الفقراء
والمحتاجين ، ففي ذلك خير عظيم وثواب جزيل ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : "
من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً " (
صحيح - أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان ) .
ويستحب للمدعو
أن يدعو للداعين بعد الفراغ من الطعام بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومن ذلك أن يقول : " أكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة ، وأفطر
عندكم الصائمون " (صحيح - أخرجه أحمد والنسائي ) .
وعلى المسلم أن يتأمل الزيادة الخاطئة التي يضيفونها في الحديث وهي : " وذكركم الله في من عنده " وهذه الزيادة لا أصل لها هنا .
5- السحور :
فرض الله تعالى على هذه الأمة الصيام كما فرضه على الأمم السابقة .
وأكلة
السحور هي الفرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب ، فقد جاء ذلك صريحاً في
حديث عمرو ابن العاص رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر " ( أخرجه مسلم ) .
والسحور سنة ينبغي للمسلم إتباعها والعمل بها
وللسحور فوائد وفضائل منها :
أ – بركة السحور :
عن
أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تسحـروا
فإن في السحـور بـركة " ( رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه )
.
وعن عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال : " إنها بركة
أعطاكم الله إياها فلا تدعوها " ( رواه النسائي بإسناد صحيح ) .
وقد
سماه النبي صلى الله عليه وسلم الغداء المبارك ، فعن المقدام بن معد كرب
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بغداء السحور ،
فإنه غداء مبارك " ( رواه النسائي بإسناد حسن ) .
ب – صلاة الله وملائكته على المتسحرين :
إنه
فضل عظيم من لدن حكيم عليم ، وذلك بأن يتسحر المسلم قبل الصيام فيحصل على
صلاة الله وملائكته عليه ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين " (صحيح -
صححه الألباني في الترغيب والترهيب ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " السَحُور كُلهُ بركة ، فلا
تدعوه ، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على
المتسحرين " ( قال الألباني حسن لغيره ) .
وصلاة الله على المتسحرين : أي رحمته ومغفرته لهم ، وصلاة الملائكة : استغفارهم لهم
ويستحب تأخير السحور لأن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم ويمتد وقته إلى طلوع الفجر .
وروى
أنس رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال : " تسحرنا مع
النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قام إلى الصلاة ، قلت : كم كان بين الآذان
والسحور ؟ قال : قدر خمسين آية " ( رواه البخاري ومسلم ) .
فعلى المسلم أن يحرص على السحور إصابة للسنة فقد قال صلى الله عليه وسلم : " تسحروا ولو بجرعة ماء " ( حديث حسن ) .
وقال
صلى الله عليه وسلم : " إنا معشر الأنبياء أُمرنا أن نؤخر سُحورنا ونعجل
فطرنا ، وأن نمسك أيماننا على شمائلنا في صلاتنا " ( صحيح ) .
وعلى المسلم أن يحافظ على أكلة السحور ما دام في صيام لأمر النبي الكريم بذلك ، ولأن أكلة السحر فصل
ما بين صيام المسلمين وصيام غيرهم .
6- الإكثار من الصدقة :
يقول
الله تعالى: { إنما المؤمنون أخوة } [ الحجرات 10 ] فيستحب في رمضان أن
يكثر المسلم من الصدقات وإعطاء الزكوات للمحتاجين من أهلها حتى تسود المودة
والمحبة بين المسلمين ، ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة
وإعفاف الفقراء وإغنائهم عن السؤال ورغب في ذلك لاسيما في شهر رمضان فعن
أنس رضي الله عنه قال : قيل يارسول الله فأي الصدقة أفضل ؟ " قال صدقة في
رمضان " ( رواه الترمذي ) .
والصدقة لها فوائد عظيمة وفضائل كثيرة ويكفي
أنها تطفئ غضب الرب سبحانه وتقرب العبد من ربه تعالى ، وتزيد بركة المال
،وتعف أيدي المحتاجين عن السؤال .
7- قراءة القرآن :
شهر
رمضان شهر القرآن ، هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ، فينبغي على المسلم أن
يحرص على ختم كتاب الله تعالى في هذا الشهر العظيم ولو مرة واحدة على
الأقل ، فالمسلم عزيز بدينه ، ولا خير في يوم لم
يقرأ فيه المسلم شيئاً من كتاب الله تعالى ، فقد كان السلف يختمون القرآن أكثر من عشر ختمات في هذا الشهر المبارك .
8- الذكر :
ذلك بأن يكثر المسلم عموماً والصائم خصوصاً من ذكر الله تعالى ، فلا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى .
قال الله تعالى : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ( الرعد 28 )
ومن
لازم ذكر الله تعالى على كل حال كان ذلك سبباً بإذن الله تعالى بحفظه من
عدوه ، إبليس وحزبه ولهذا قال الله تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم
ذكر الله } ( المجادلة 58 ) .
فعلى المسلم أن في يكون يومه وليلته في
ذكر لله تعالى وخصوصاً في شهر القرآن شهر الذكر ، وأعظم الذكر أن يناجي
العبد ربه بكلامه سبحانه وتعالى .
9- الإكثار من أعمال الخير :
ومما
يستحب للمسلم أن يكثر من أعمال البر والخير ، فعلى المسلم الصائم أن يتحين
الأوقات وينتهز الفرص لعمل الأعمال التي تقربه من ربه وتزيد في حسناته
وترفع من درجاته وتذهب عنه سيئاته ومن أهم تلك الأعمال الخيرة وأجلها على
الإطلاق ، بر الوالدين وصلة الأرحام ، فإن لم تتسنى له زيارتهما فلا أقل من
الإيصال بهما والسؤال عنهما وتهنئتهما بدخول الشهر الفضيل ثم بعد ذلك
تهنئتهما بحلول عيد الفطر المبارك وكذلك زيارة الأرحام والأقارب والأصدقاء
والجيران فكل ذلك من عمل الخير والبر الذي يؤجر عليه المسلم .
10 - حفظ اللسان:
شهر
رمضان شهر تصفد فيه الشيطان ومردتهم فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه
قبل رمضان فتضعف وسوستهم ويقل كيدهم ويضمحل شرهم فيصبح الصائم قليل الكلام
حافظاً لسانه عما يدنسه من فحش الكلام وبذيء القول ، فلا يشتم مسلماً ولا
يسب أحداً بل لو تعرض للسب والشتم من جاهل بأحكام الصوم لكان لسان حاله
ومقاله قائلاً : كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن
شاتمه أحد أوقاتله فليقل : إني امرؤ صائم " ( متفق عليه ) .
هذا هو حال الصائم أن يمسك لسانه عن سوء الكلام
قال
الله تعالى : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) [ المؤمنون 3 ] ، فعندما ذكر
الله تعالى صفات المؤمنين وعدد ميزاتهم التي بسببها يدخلون الفردوس أعلى
الجنة ووسطها ، ذكر من جملة ذلك حفظهم لألسنتهم عن اللغو وقول الباطل من
الكلام ويدخل في ذلك الشتم والسب
فما أحرانا باتباع سنة المصطفى صلى
الله عليه وسلم وما أحوجنا إلى التمسك بشريعة المولى جل وعلا ، ونبذ ما
سوى ذلك من زيغ وضلال وبدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان ، فكتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم نبراسان عظيمان ونوران مضيئان من تمسك بهما
لن يضل بإذنه سبحانه .
(أشهد ان لا اله الا الله ........ واشهد ان محمد رسول الله )
سبحــــــــــــ ـــــ ــان الله وبحمـــده ..... سبحــــــــــــ ـــــ ـــان الله العظــــيم
وصــــــــلى الله علـــــى نبينا محمــــد وعلى آله وصحــــــــبه أجمعين